الخميس، 20 مايو 2010

زواج الأرملة

زواج الأرملة
طمعا في الثواب أم في المساعدات؟؟

بقلم : فلسطين السوافيري

كانت تحلم بشاب وسيم شجاع ملتزم ، وبالفعل جاء ، أعجبت به وبشخصيته لدفاعه عن وطنه وتصديه للإجتياحات .
لم تنظر لمال أو جاه وسلطان ، لم تتحرج من مسكنها مع أهله بنفس البيت المتواضع ولم تتحرج من خدمتها لهم ولا من راتبه المتواضع.
كان زواج رحمة ومودة وسكن لهما ، كان طيب القلب حلو اللسان ، صواما قواما حامدا لربه في كل وقت.
لم تكن طموحاتها أعلى من مستوى دخله ، لم تطلب شيئا ليس في استطاعته توفيره ، اكتفت بالقليل.
كان و إياها يحلمان بأن يرزقهما الله الذرية الصالحة ، حيث مضى على زواجهما ثلاثة سنوات دون إنجاب.
وعند خروجه للجهاد كانت تمضي ليلتها ذهابا وإيابا في غرفتهما وهي تتحدث مع نفسها ، هل سيعود؟؟ متى سيعود؟؟ لماذا تأخر؟؟
وفي يوم طال انتظارها ، تأخر كثيرا ، غمرها القلق واجتاحها التوتر وارتفعت دقات قلبها .
إنها الحرب... بدأت على قطاع غزة ، كانت السماء ملبدة بعبق الطائرات الأسود ، و بدقيقة واحدة تم تدمير كافة المقرات العسكرية ، التي كان زوجها موظفا في إحداها ، حيث قذف الاحتلال صواريخه المحرمة دوليا لتمزق أجساد المجاهدين.
انقضى النهار ولم يأت الزوج بعد ، أخذت تتحدث مع والدته عن الشهادة وفضلها في سبيل الله ، وكأن قلبها كان شاعرا بما سيحدث.
جاء الخبر...لقد استشهد البطل ، وما أن سمعت الخبر حتى غابت عن الإدراك بل قل غاب عنها الإدراك ، لا تدري ماذا تفعل ، ولكنه القضاء والقدر.
مضت الأيام كسنين ...جاء أخ زوجها الذي يصغرها عاما ، جاء بصورة الشهم البطل الذي يريد الحفاظ على بيت أخيه.
تم الزواج ، جاء المهنئين ...حملت الزوجة ، جاء هذا الخبر كصاعقة عليه لم يكن متوقعا، طلب منها عدم أخذ المثبتات بحجة خوفه عليها ، أطاعته لم تكن تدري ما نيته ،سقط الحمل فحزنت جدا لأنها فقدت ولي العهد المنتظر.
ولكن بقدرة الله حملت في الشهر التالي ،منعها من المثبتات ولكنها هذه المرة لم تطيعه ،مضت الأيام وبقي الجنين يكبر في رحمها ، فبدأ يتكشف على حقيقته يعاملها بجفاء و قسوة قلب كالحجر.
كان هدفه من كل هذا الزواج استغلال هذا الصيد الثمين ليحقق أحلام حبيبته الطموحة جدا التي يرغب في الزواج منها ، أصبح يهاتفها أمام زوجته ليزيد قهرها وآلامها.
يعاملها كأنها الصندوق الحديدي الذي يحوي الكنوز من أموال وذهب ، ينهب كل مستحقات الشهيد من راتب وهبات ومساعدات وحتى ذهبها من زوجها الشهيد طالبها به .
لا معنى لها في حياته ولا وجود ، وأمام الناس هو الرجل الشهم الكريم الوفي لأخيه.
حال هذه الزوجة هو حال الكثير من أرامل الشهداء اللاتي تزوجن مرة ثانية رغبة منهم في سترة أنفسهم وكذلك بيوتهم وأولادهم ، للتخلص من ظلم المجتمع وكلام الناس في حقهن.
وتتساءل أرملة شهيد ودموعها على خديها "أأمنحه مستحقات أطفالي اليتامى لينفقها على الآخرين، وأولادي أحق بها من أي إنسان، أم أنتظر ما سيدبره لي من مكائد لا أعرفها؟".
وتعتبر أرملة الشهيد شيئا عظيما لا يحتاج إلا للتقدير و للاحترام ، و لكنها أصبحت اليوم سلعة وتجارة سهلة، فهناك من يتاجر بآلامها وبذكرياتها.
لا أدري ما حال هؤلاء الأزواج كيف يفكرون ؟ولماذا يعاملون زوجات الشهداء بهذه الصورة؟
ألا يعلم هؤلاء بأن الشهداء الذين قضوا من أجل الله والوطن سيحاسبونهم يوما؟
و لكن وبالرغم من هذا الواقع الأليم إلا أن هناك من زوجات الشهداء من يحين حياة كريمة مع أزواجهن.


زواج الأرملة